قصّه قصِيرة || كُنت سعيداً معك.

 

لمَا أنتّ من بينِهم ؟

بالّرغم المٌده القصِيرة التي أمضيتُها معك “أحببتُك.

بالرغمّ من قِصر مدّه رؤيتي لعيناكّ وقعتُ بها..
لما تجاهلتِني ؟ ولما لم تعودِي كسابِق عهدك ؟

نظر للبنايةِ التي سيُقيم بها من الآن فصاعداً.
حملَ حقيبَته ليصعد للأعلى ، بخُطى مقاومة للإرهاق الذي يشعر به.
وضع ما يحمله على الأرض ليتأكد من انها الشقه التي سيعيش بها.
ارادَ فتح بابِه لكن لفتَ انتباهه رجلٌ كبير بالسن يحمل اغراضاً بدت ثقيلةً عليه.
بادرَ بفتح بابه بدون اهتمام ليضع حقيبته بالداخل دون اغلاقه ..
“دعني أساعدك” انحنى للرجل الكبير ليأخذ الأغراض عنه..
فتحَ الرجل باب الشقه المجاورة له ، ليدخُل خلفه ..
“يُمكنك وضعها هنا” تحدّث الرجل الكبير اليه وهو ينزع معطفه ويعلّقه.. نزعَ قبعته ليظهَر شعره الأبيضّ
اصرّ الرجل على شُكره لحُسن مساعدتِه “يمكنك الإنتظار ريثما احضّر كوبانِ من الشايّ” .
جلسَ على الأريكه بينما يجول بناظِريه حول الشقّه “هل تعيشُ وحدك ؟” سأل الفتى الرجل  الكبير ليبتسِم له وهو يحمل اكواب الشايّ.
امسكَ كوبَه ونظُر للصورةِ المعلقه على الحائط “لا ، اعيشُ مع حفيدتي” ابتسمَ الفتى ونظرَ للفتاه الواقفه بجانبه بالصوره.
ارتشفَ القليل من الشاي ليقاطعه الرجل “ماذا عنكّ ، وحيد ؟” سأله ليُقهقه كردّه فعل متردداً بالإجابة “نعم للأسف”
بعدَ تبادُلهما الحديث لفترَه  استأذنَ من الرجل للذهاب لشقتِه بحجّه ترتيب اغراضِه.
خرجَ من عنده لينظُر لتلك الفتاه ذاتِ الشعرِ الأسود الطويل والعينينِ الزرقاء تحمِل اكياسَ التسوّق مبتسمه.
ادار عينيه عنها ليدخُل لشقّته رافِعاً حقيبتُه المرميّه من على الأرض.
نزعَ معطفه لتبقى الكنزَه الصوفيّة لتدفئتِه ، اشغل جهازّ التدفئة ليدفىء غُرفَه المعيشه.
بدأ بترتيب شقّتِه لتناسب ذوقَه .. وضع الأريكه الجلديّه ذات اللونِ البُني بالوسط وبجانبِها طاوله صغيرَه ذاتَ لونٍ افتح.
علّق التلفازّ على الجِدارّ السُكري وعلَّق بجانِبه كلمساتٍ منعشه كما رآها مناظِر تميل للربيع الأخضر.
أنهى غُرفه المعيشه وتوجَّه نحو غُرفته وضعَ مُلائةَ السرير البَيضاء ورتّبها ووزعَ مجموعه من الوسائد حوله ، ابتسَم برضى عندما أنهى ترتيب الأثاث المُتبقي.
جلسَ بكسل على الأريكه مع كوب قهوتِه  وهو يقرأ كتابَه.. أَخْذَه الوقت ولم يشعر .. كانَ تركيزُه متركّز على كِتابه.
طُرق بابه ليقطعَ خيالَه المبني من كتابِه ، تنهّد لأنه قوطِع في اهمّ لحظةٍ في روايَته .
فَتح البابّ بحاجبين مقطبيّن ، لينُظر لتِلكَ الفتاه من الصّوره “مرحباً” اسندَ رأسه على طرفِ الباب “مرحباً”.
نظرَت لمظهرِه المُهمل لتبتسِم .. شعرٌ مبعثر .. وكنزَة بيضاءّ مع سِروال بجامةٍ بعيدّ عن لونّ الكنزَه بحيثُ انه ملوّن “جدّي اخبَرني انه دعاكّ للعشاء” ابتسمّ لتظهر انيابُه ، ابعد رأسه وهو يشير اليها محافظاً على ابتسامتُه “انتِ الحفيدَه” عقدت ذراعيها وابتعدت خُطوه للوراء لأنها رأت انهُ قريب “وأنتَ الجارُ الوسيم الذي سمعت عنه !”.
قهقه ليعتَدل بوقفتِه “تعادلنا ، بالمُناسبَه انا مارك” صافحته مبتسمه “صوفيا”.

كانوا جالسين حول طاوِله الطعام يأكلُون بهدوء “اذاً مارك ماذا تعمل ؟” سأل الجد لترفع صوفيا رأسها بإهتمام.
اجاب وهو يبعثِر الباستا “في الحقيقه اديرُ شركةٍ صغيره” همهم الجدّ ليُكمل صحنَه.
وضعت اخرَ صحنٍ بالغسّالةِ لتُغلقها برِفق ، نظّفت المطبخ لتَعود إلَيْهِم .
جلست بجانِب جدّها بينما ينظُر اليها وعلامات النُعاس واضِحه على محياه همست له “لا يجب ان تُجبر نفسك على مقاومةِ النوم”.
ابتسمّ واومأ لها همَست لماركّ الجالس امامها “اعذُرني للحظه” .. ساعدته على الوُقوف ليُسند ثقل جسدِه عليها.
فتحتّ أنوارَ غُرفتِه لتُساعده على الجُلوس فوق السرير “هل اخذتَ دوائك ؟” اومأ لها وهو يحاول الإستلقاء “نعمّ ، لا تقلقي” ابتسمت لتُغطّي جسده طبعت قُبلةً على جبينه “تُصبح على خير” استقامت لتُخفت الأنوار له .
سارت نحو غُرفةِ المعيشه ولم تجِده ، نظَرت حولها لترى الشُرفَة مفتُوحه تقدّمت نحوها لتراه ينظُر للمدينَه ، استدار ونظر لها مُبتسماً اسنَد ظهره على السّور وهمس لها “اذاً صوفيا ماذا تعملين ؟” اسندتّ  ذراعيها ممسكةً بعُلبة البيرَه “ممرضه”
همهم كإجابه ليُخيّم الصمت عليهِما “لديكُم ما افتقِده ، شُرفتي تُذل على نافِذه المبنى الذي بجانبنا” قهقهت وأبعدت بِضع خُصل من شعرها لينظُر اليها بسريّه.

مرّ بالفعل شهرّ على انتقاله ، كانا يتصادفان بالمصعد بعض مرّات ويلقيان التحيّه على بعضهما .. تلقي نظره خاطفه على ما يرتديه وتبتسِم بلطف.
كان انيقاً في اختبار ملابِسه ، لاحظت ان شنطَة يدِه لا تفارقه وهاتفه دائماً مرفوع نحوَ اذنِه ، لكن هذه المرّه كان مغلقاً.
صعدت بجانِبه بالمصعد ليبتسِما لبعضهما “كيفَ حال عملك ؟” سأل مع صوتِه الأجش الهادىء.
طأطأت رأسها لتُجيب “بخيرّ على ما اعتقد” رنّ هاتفها ليُقاطع حديثَه الذي كاد ان يتفوَّه به “مرحباً”
تغيّرت ملامحها لتتحدث بصوتٍ قلق “انا قادمه” اغلقت هاتفها على عجل وخرجت راكِضه من المصعد.
توقفت بالشارِع وهي تشير لسيّارات الأجرة بالتوقف ، صعدَ لسيارته وهو ينظُر اليها ، حركها ليركنها امامها فاتِحاً نافذته “اوصلُك ؟” فتحت باب سيارته وربطت الحزام لتتحدث “خُذني للمشفى المركزِي”.
نزلت مُسرعه لينزِل معها ، فُتح الباب الآلي لهما ليدخُلا مسرعين ، توقفت عند الإستقبال لترى صديقتها هامِسه بقلق “وصلتي !”
تجاهلت سؤالها لتسألها بتعابير خائفه “اينَ هو ؟”..
فتَحْت باب غُرفتِه بلُطف لتنظُر اليه يأكُل المُقرمشات ، اخرجت تنهيدةً وهي تسير نحوه لينتبِه اليها.
سحبتّ كُرسي لتجلس بجانبه مطأطأه رأسها ، امسكت يده لتُقبلها “هل انتَ بخير ؟” اومأ برأسه مُبتسماً ليهمس لها بتأنيب ضمير “لقد اقلقتك صغيرتي” وضع يده على وجنتها لتُمسك يده نافِيه “ليس لدي أحدٌ سواك بالطّبع سأقلق ، سآتي ركضاً من اجلك”.
طُرق الباب لتستدير نحوَه ، دَخَل وهو ينظُر اليها بإبتسامه صغيره ، اعتدل الجدّ عندما رَآه “أنت هُنا ايضاً” سأل بلُطف مبتسما له.
“نعمّ ، هل انتَ بخير” اومأ برأسه مُركزاً على نظراتِه التي تنظُر لصوفيا للحظه.
رنّ جهازُها لتقِف “سأباشِر بالعمل ، سآتي اليك كل ساعه حسناً؟” اومأ الجدّ برأسه لتُودع مارك بنظراتِها ..
اتبعها بنظراتِه حتى اغلقت الباب تحدث الجد مقاطعاً له “ستخرقها بنظرَاتك” ابتسم ليُطأطأ رأسه على استحياء.
قهقه الجدّ من رده فعله “اذا كُنت معجباً بها يمكنك البوح بمشاعرك بنيّ”..
لاحظَ نظرته الفارغة والحزينه ، نفى برأسه “لستُ معجباً هي فتاةٌ جيدة بعد كل شيء ، انتَ محظوظ بها”..

خرج من حمامه ليتبعثر البُخار حوله ، بدأ ينشف شعره بشرود تامّ ، ارتدى كنزةً صوفيّةً زرقاءّ مع بنطالٍ اسود يدفىء ساقيهِ الطويلتين.
امسك كتابه وجلسّ على اريكتِه الجلديّه .. ارتدى نظّارته المُستديره واراد فتح كتابه لكنّ جرس الباب منعه.
نظر للساعه ليجِدها متأخرةً بالفعل كانت تشير للحاديةَ عشر والنصف ، تعجّب من الذي سيأتيه بهذا الوقت منذُ ان لا احد يعرف منزله الى الآن.
وضع كتابه واستقامّ ، فتح بابه لتظّهر صوفيا ، تعجّب من انها أتت اليه ، رفعت يدها لتُظهر كيساً مملوءً بالبيرة.
ضحكّ مُطأطأً رأسه لفعلتها ، همست بخجل “تُريد مشاركتي ؟ ، لا أستطيع الإنتهاء منها مرةً واحده”
فتح الباب لها هامساً “ادخلي”.
وضعت البيرة فوق الطاوله البُنيّه القابعه امام الأريكه وهي تجول بناظريها حول المكانّ..
احضر المُقرمشات لها ووضعها فوق الطاوله محتاراً “لا اعلم اذا كنت تفضلينها” ابتسمت وأدارت رأسها لناحيةِ التلفاز..
” اللون البُنيّ يسيطر على المكان “ فتح عُلبته وهو ينظُر حوله وكأنه اول مرةٍ يوجد هنا.
“انا احبّه ..فقط” اومأت برأسها متفهمه.
عمّ الصمت للحظه لتهمِس “في الحقيقة انا قلقه على جدي..” توقفَ عن الشُرب ودفع نظّارته للخلف بإهتمام..
ابعدت خُصله شعرها للوراء واكملت بعد ان لعقت شفتيها “هُو كبير بالسنّ ، عنيدّ ، ولطِيف اغلب الوقت لكن..-“ ضوّق عينيه وعض على شفته “خائفه من ان أفقده ، افقِد إزعاجه وتذمره وعناده وكل شَيْءٍ به ، اريد التمسّك به للأبد ..-“
ارتشف من عُلبته ليُمسكها وهو ينظُر لها هامساً “لا تستطيعين” نظرتّ اليه بينما هو ظلّ ينظُر للعلبة .
رفع ناظريه عن العلبه وحدق بها “لا شيء يدُوم للأبد كما تعلمين” ..
ابتسمت له وارتشفت القليل “اعلمّ ، لكن أودّ ان يبقى بجانبي للأبد” ..
قهقه بخفّه وهو ينظُر اليها “أنتِ شيءٌ اخر صوفيا” ..
طأطأت رأسها مبتسمه بحزن على تفكيرها “اعلمّ حمقاء” ..
نفى بسُرعه مبتسماً بلُطف “لا انتِ فقط بريئة” ، أسندت فكها على قبضتها وسألته “كيف ؟” ..
نفى برأسه من جديد وهو ينظُر لها “لا يجب علي قول ذلك لكن … هلّا واعدتني؟”

ممسكاً بحقيبةِ بيده اليُسرى بينما اليُمنى يمسك هاتفه ويتحدث بفوضويّه لمساعده ..
سارتّ امامه لتجذِب انتباهه مبتسمةً بلطف له ، ابتسم بدوره لفعلتها “سأتحدث لكّ لاحقاً” اغلق هاتفه بدون اهتمام ليتبعها.
دخل خلفها للمصعد ، وامسكَ يدها “صباحّ الخير” همس بينما ينظُر لعيناها ..
ابتسمّت بخجل لتُطأطأ رأسها “ستدفعيني للجنون من رؤيةِ ابتسامتك هذا الصّباح حتى”  ضحكت بصوتٍ منخفض
اتسعت ابتسامته ليُقبلها مع جبينها مستنشقاً رائحه عطرِها بسريه .
خرجا معاً ليُصر على إيصالها للعمل ، ترجلت من السياره ليفتح النافذه لها “سآخذك للغداء اليومّ”
اومأت برأسها ليُكمل “اعتني بنفسكّ” .

تراكمت عليه الملفات ومشاريع البناء تحتاج لمناقشاتٍ طويله ، دخل غُرفه الإجتماعيات ببذلتِه السوداء وشعرٍ مبعثر
وما اضافَ لجاذبيتهِ ان ذِقنه كان مرسومّ بطريقه إلاهيه مثاليه.
جلس لينظُر اليه جميع الموظفين الموجودين “لنبدأ” ضربَ بأصابعه الطاوله اشارةً لهم.
طأطأ رأسه ليقرأ معلوماتٍ عن المشروع الجديد بينما الموظف أمامهم يشرح آليه العمل وطريقته .
يلعبّ بالقلم بين اصابعِه ليركز بحديثه اكثر ، ويعضّ شفته السُفلى مفكراً بحديثه.
انتهى الإجتماع ليُثني على موظفه ويُشيد بعمله الجادّ “حُزَّت على توقعاتي ، احسنت” ربتَ على كتفِه مبتسماً.
نظر لساعه يده ليُكمل “اراكَ لاحقاً” .
فتح باب مكتبه على عجل ليأخذ معطفه مسرعاً ، جمع اغراضه بفوضويّه وخرج.

“سآكل خارجاً ماري” اخبرت صديقتها وهي تنزع قفازاتِها ، ابتسمت الأخرى هامسه “دعيني احرز مع ذلك الرجل” اومأت متجاهلةً تعابير صديقتها المتحمسة “اخبريني التفاصيل عندما تعودين صوفيا” قهقهت على حديثها .
قبلتّ وجنتيها وارسلت قُبله اخرى بالهواء “اراكِ لاحقاً”
خرجت وتوقفت امام المستشفى مع معطفها الصوفيّ الثقيل تنتظِره.
لقدّ مرت بالفعل 30 دقيقَه ولم يأتي بعد ، خرج من خلفها طبيب بدا وكأنه من نفس قسمها “صوفيا”
صاحَ بصوتٍ مسموع لتستدير اليه ، ابتسمت له ليتقدم نحوها مُدخلاً كلتا كفيه بجيب معطفه.
“مالذي تفعلينه هنا” سألها لتُبعد خصلات شعرها خلف إذنها لتراه جيداً “انتظِر شخصاً ما”
“حبي..-“ قاطعهما صوت بوق السياره ، استدارت من جديد لتراه ينتظِرها “هاهو هنا ، وداعاً”
صعدت بسرعه لتنظُر اليه “اسفّ تأخرت” ابتسمت ممسكةً بيده “لا بأس ، انتَ هنا الآن”..
شد على يدها ليطبع قُبلةً عليها.

نظرت لتصميم المطعمّ لتستدير اليه “سيُكلفك ، يمكننا ان نذه..-“ قاطعها مسرعاً ممسكاً بيدها “لا تقلقي”.
سحبها للداخل معه لتنبهر على تصميمه الداخلي ، الثُريات المتلألأه تملأ السقف بالإضافه الى الرسومات على الجدار
كانَ الجميع متأنقاً و كأنهم بحفله راقِصه وما شابه ، شدتّ على يده ، توقفَ امام المُوظفه “لديّ حجز لشخصين بإسم مارك” بحثت قليلاً لتومأ وتشير للنادل الواقف “إرشدهما لطاولتهما”.
جلسا امام بعضهما ليبتسم لها “اطلبي ما تريدين”.
بالفعل مرّ الوقت وهما يتحدثان عنهما وعن أشيائهما المشتركه ، وما الذي يحبانهِ ببعضهما وما يكرهانه.
اكتشف انها تحب أعينهُ الخضراء الناعسة التي تجذِبها وتحبّ حديثه المعسول الذي يلقيه من وقتٍ لآخر ، تحب طريقه حديثه و ابتسامته الهادئه ، حديثه الرزين بالهاتفّ ونظرتُه الجانبيه لها.
اما هي اكتشفت انه يحبّ شعرها الطويل ورائحتها الجذّابه التي تأسره وعيناها الزرقاء الواسعه ، تصرفاتِها العفويه وخجلها مما يجعل وجهها شديد الإحمرار ، وطريقه ارجاعها بشعرها للوراءّ و الأهم من ذلك ابتسامتها التي تجعل قلبه يخفق.
الصفةُ الوحيده الذي تطابقت بينهما ، ان كلاهما دقيقانِ بالمواعيد .

اعتذرت من عملها لتبقى معه ، بينما هو بالفعل اخبر الموظفين انه لن يعودّ.
كانا يسيران معاً بعشوائيه لا يعلمان اينَ سيذهبان ، ممسكةٌ بذراعه بشدّه بينما يده تمسك بيدها .
همست بصوتٍ يكادُ يسمع “انا سعيده” نظر اليها ليسألها “لماذا” اختصرت له الحديث “انا معكّ واشعر بالأمان”.

مرّ شهرٌ أخر والخريف قد أتى ، الأوراق بدأت تسقُط تدريجياً من الأشجار لتصبح عارية.
مقابلتُهما قد قلت بسبب أعمالهما المتراكمة ، بوقتِ ما تكون متفرغه يكون مشغولاً والعكس.
الجدّ قد دخل المشفى للمرّه الثالثه وهي احتاجتّ شخصاً يساندها ، ويكون عوناً لها ففكرت بَ|مارك|.
الشخص الوحيد الذي سيرفع معنوياتها وسيجعلها تتحسن.
طرقتّ بابه مره .. لتتبعها الأخرى .. أرادت طرقه للمره الثالثه لكنه فتح الباب بنفس حالته عندما قابلته اول مره
نظرَت لمظهرِه المُهمل لتبتسِم .. شعرٌ مبعثر .. قميصٌ ابيض يظهر ذراعيه العاريتين.
تعجّب من وجودها فالوقت تأخر ، لكنها اكتفت بعناقه بدون قولِ اي كلمه.
بادلها العناق مبتسماً ، همس “لندخُل”.
جلست بجانبه مطأطأةً رأسها “هل تريدين التحدث ؟” نفت برأسها.
همهم ليُعانقها “دعينا نبقى هكذا لفتره ، لقد مرّ وقت طويل ، اشتقت اليكِ به”
أسندت رأسها على صدره وذراعُها تمسك بيده بينما يده الأخرى تلعبُ بخصلاتِ شعرها الذي لا طالما وجده مثيراً للإهتمام.
ظلت تتأمل ملامِحه التي رسمتها بمخيلتها ، مررت اصابعها على فكّه لتصل لشفتيه ليُقبل اصبعاً اصبعاً .
ابتسمت وشدت على يده لتُقبلها بدورها “انتِ تجعلينني شخصاً مختلفاً صوفيا”
نظرت لأصابعها للحظه وهمست “ماذا تقصد ؟”
ابتسم وسأل سؤالاً ظلّ في باله “هل ندمتي لأنك واعدتني ؟”
قهقهت ونفت بسرعه مركزةً عليه “ابداً”
أردف بسرعه “هل ستندمين ؟” اجابتهُ مبتسمه “لا ، لقد جعلتني سعيده لما سأندم”.

استقامّ بعد ان جعلها تستلقي على سريره ، لبسّ نظارتُه واراد إكمال عمله لكنّ هاتفها قد رنّ .
اسرع بإلتقاطه والإجابة عليه “صوفيا هاندرسون” عقد حاجبيه “لا، حبيبها من يتحدث ؟”
“انا من المستشفى المركزي أردنا اخبارك بأن السيدّ هاندرسون قد توفى ، نحنُ آسفون املّ بأن تأتيانِ غداً لإكمال اجراءاتِ الوفاه” .
ابتلعَ بصعوبه هامساً “حسناً شُكراً” .
الأفكار أتته بآنٍ واحد ، كيف سيستطيع أخبارها وكيفَ سيتحدث عن هذا الأمر لا سيّما انها متعلقةٌ به.
لم يأتِه النوم من كثرةِ تفكيره ، بقي مستيقظاً حتى استفاقت ، لم يعلمّ بماذا يبدأ وبماذا ينتهي.
الأفكار أزعجته وإقلقته وتكثر ما ازعجه كيف ستكون ردّه فعلها وكيف سيستطيع مواساتها.
حضرت الفطور له لتناديه ليأكل.
“اعتبره كشكرٍ لليلةٍ البارحه” ابتسم مجبراً لتكمل “تفرغ لي اليوم ، سأرى جدي اليوم وسنخرج معاً”
تغيرتّ ملامحه ليهمس “بشأن ذلك..-“ همهمت كإجابه وهي تدرس ملامحه “هل حدث شيءٌ ما”
“جدك صوفيا..-“ ابتلع لتتلاشى ابتسامتها “توفى”.
قهقهت بسخريه “مالذي تتحدث عنه” استقامت لتخرج لكنه امسك يدها “اينَ ستذهبين”
دفعت يده بعيداً “سأذهب لأراه” امسكها من جديد لتصرخ “دعني اذهب اريد ان اراه”
دفعته لكنه عانقها لتنهمر دموعها اكثر من ذي قبل متوسلةً له “دعني اذهب ..مارك”.

لم ترد ان ترى أحداً بعد وفاتِه ، كانت تتجاهل اتصالاته وطرقه لباب منزلها كل ليله ، وهمسه الدائم بَ “دعيني اراكِ ، لا تبكي”.
خرجت من المنزِل لعملها لتقابله ، امام المصعد ، مرّت بجانبه وكأنها لا تعرفه مما جعل قلبه ينقبض مئة مره بالثانيه.
“هل انتِ بخير” همس بينما هو بجانبها لتجيب بعبارةٍ بارده “نعم ، شُكراً”.
طأطأ رأسه مبتسماً بسخريه .
ظلتّ هذه الحاله تتكرر عده ايام ، تسير بجانبه وكأنها لا تعرفه ، و كأنها لم تعانقه وكأنها لم تهمس له. بكلماتٍ حُلوه أذابت قلبه.
“هل فكّرت بما قلته لك مارك ؟” تحدث جيمس صديقه وهو ينظُر اليه منتظراً إجابته.
همس وهو يفكر بكل دقيقةٍ قضاها معها “نعم ، انا موافقّ”
ابتسم جيمس “سأتحدث اليهم ، تجهز فطائرتك الإثنين”

لمّ جميع اغراضه ، هاهو سيغادر لمدينةٍ جديده بهذه السرعه ، تبقى ساعتان على طائرته ولكنه اراد رؤيتها لآخر مره.
طرق بابُها بعدما استجمع نفسه ، فتحته لينظُر لأجمل فتاه بعيناه .
“مرحباً” همس مبتسماً ليخفق قلبها.
“مرحباً” لم ترد ان تكذب على قلبها فهي اشتاقت لصوته رائحتُه تسللت لأنفها لينبِض قلبها
“تعرفين انني سيّء بالمقدمات ، أردت توديعك قبل ان ارحل” ارجعت خُصله شعرها للوراء
“ترحل ؟، الى اينَ ؟” سألته و هي تكاد ان تختنق من قلبها.
بنفس النبره التي اعتاد ان يقول بها /إشتقتُ اليك ، احبك, أنا سعيد/ “لا اعتقد ان الأمر سيهمك”
طأطأت رأسها بخيبه ليبتسم بسخريه “أردتك ان تعلمي فقطّ ، انني حظيت بألطف ايامِ في حياتي طيله الفتره التي أقمتها هنا ، وايضاً كانت ذكرى ممتعةً لي”

قبل أن يستدير سألته بيأس “الا تُريد معرفه سبب إبتعادي عنك ؟” 
ابتسم وهمس “لا أعتقد ذلك , سأشتاق اليك ، وداعاً”
غادر ليتركها تائهه ، نادمةً على ما فعلته جلست بضعف على الارض بعد غلقها للباب ..
احتضنت ساقيها هامسةً لنفسها “حمقاءّ , بالفعل إشتقتُ إليك”.

لما فعلت هذا ؟ , لما إبتعدتي ؟ 

هل فعلتٌ شيئاً خاطئاً ؟ لقد أحببتُك.

إشتقتُ إليك .. لرائحتك .. ولصوتِك السعيد وهمساتِك المفاجئه..

أراد السؤال و أراد الحديث عنها لكنّه لم يستطِع ..

فقطّ نظرتُه كانت كافيه لجعلها تندمّ بعدد شعرِ رأسها..

نهايَه حزينه على الأغلب ؟ 

عبروا عن مشاعركم و إنتم تقرون القصّة ..

هذِي الرضاوه مثل ما وعدتُكم , و أتمنى من كل قلبي إن القصه أعجبتكُم.

أفرِحوني بالتعليقاتّ , ولا تنسون تعلقون على الجُزء الرابع من روايه “لنقعّ معاً” لأن المشاهدات عالية ..

|بِحفظ الله|

قُبلة ~~

15 تعليقات على “قصّه قصِيرة || كُنت سعيداً معك.

  1. القصة جميييله
    حبيتهم مع بعض
    بس ليش تجاهلته هو ماغلط عليها 💔
    انقهرت عليه بس راح وخلاها
    راح تندم عمرها كله
    كماوو اوني

  2. إنتِ ليش كِذا يختي 😦 ؟
    تحبين النهايات الحزينه ليييععشش 😦 ؟
    هههففف دموعي خلصت ”( !
    انقهرت لمّا تجاهلته 🔥
    هو ماله دخل بموت جدّها هو بس نقل الخبر لها ، ليش سوّت فيه كذا 😦 ؟ م تستاهل مآرك 😦
    أوكيه أدري نهايه حزينه و أنا م أحب النهايات الحزينه بس أعجبني 😦 ، ممررهه أعجبني كيف كذا ؟
    أول شي صيحتيني بـ رواية – بسببكْ – وألحين هذي 😦 💔
    آآههخ بس 😦 ،، شقول بعد ؟ إييه .. كنت متوقعه يرجع بعد كم سنه و يتصالحون و كذا يعني بس ، أنا نسيت إنك تحبين النهايات الحزينه 🙂 .. لو تخلين نهايةْ رواية – لِنقع معًا – حزينه بـ جيب قاتل مُستأجر و أرسله لبيتكُم أوكيه 🙂 🔪 ؟
    فايتنقق ~

  3. ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻫﺎﻟﻮﻥ ﺷﻮﺕ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﻭﺭﻗﻴﻘﺔ ﻭﺛﻘﻴﻠﺔ ﻣﺪﺭﻱ ﻛﻴﻒ ﺑﺲ ﺩﺧﻠﺖ ﻉ ﻗﺎﺑﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ …. ﺣﺒﻴﺖ ﻭﻗﺘﻬﻢ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻭﻋﻨﺎﻗﺎﺗﻬﻢ ﻳﺎﺧﻲ ﺩﻓﺘﻨﻲ ﻣﺪﺭﻱ ﻟﻴﺶ ﻫﻬﻬﻬﻬﻬﻪ :$ :-$ :-$ : $ :$ :$ ﻭﺑﻤﻮﺕ ﺟﺪﺧﺎ ﻣﺪﺭﻱ ﻟﻴﺶ ﺻﺎﺭﺕ ﺗﻜﺮﻫﻮ ﺍﻟﻐﺒﻴﺔ ﺑﺲ ﺍﺟﺒﺎﺭﻱ ﺭﺡ ﺗﻨﺪﻡ ﺧﺪﺍ ﺑﺼﺤﻠﻮ ﻣﺎﺭﻙ ﻭﺑﻘﻮﻝ ﻻ ء :p :p :p :p ﺑﺲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻳﻌﻄﻴﻜﻲ ﺍﻟﻒ ﻋﺎﻓﻴﺔ ﻳﺎﺭﺏ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭ ﺟﺪﻳﺪﻙ ﻭﺍﻟﺠﺰء ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻟﻨﻘﻊ ﻣﻌﺎ ﻟﻮﻓﻚ :* :* ﺗﺸﺎﻭ ❤ ❤

أضف تعليق